Thursday, March 16, 2017

محاولة بائسة لكتابة قصة "نوار" باللغة العربية


استمعوا لهذه المقطوعة عند قراءة القصة.

المدينة الكبيرة سافلة، وليدة عنفٍ وسوادٍ مستشرييْن يفتكان بسكانها. ها أنا أمشي في ربوعها ليلًا والمطر ينخر في جسدي المتهالك كإبَرٍ خفية. لطالما بدت لي ظلمتها كظاهرة غير طبيعية، ويخيل لي أنني حبيس فيلم من بطولة همفري بوگارت يُعرض بالأبيض والأسود. أكبر دلالة على ذلك هو المعطف الذي لا يفارق جسدي والسيگارة القابعة بين شفتَيّ المزريتين.

برزت نغمات الساكسوفون وگيتار البَيس بالإضافة إلى صوت بيانو دافئ امتزجوا جميعًا في كوكتيل موسيقي خلّاب يُسمَع عند أدائي لهذا المونولوگ الداخلي. الإشارات لا تخطئ، فلم يتبقَّ إلا حدوث جريم-

"تعرّضتُ للسرقة!" صرخت امرأة بهلع في زقاق قريب. "النجدة!"

أسرعتُ نحو صوتها لأرى أحدهم يفرّ بالاتجاه الآخر. لا تزال المرأة واقفةً ولم يبدُ عليها أي أذى، فشققتُُ طريقي أمامها لحاقًا باللص.

أخذني العاهر في جولة حول غياهب المدينة بين حارات الدعارة والقمار والخمور. حينها لعنتُ من ابتدع التدخين من شدة التعب الذي تمكَّن من جسدي.

في النهاية، وصل السارق إلى طريق مسدود أعانني على مواجهته. اقتربتُ منه ببطء وأمسكتُ ياقة قميصه في محاولة لخنقه.

"لو لم تكن رئتَيّ في حال دمار يشابه هيروشيما وناگازاكي في عام ٤٥ لكنتُ فتكتُ بك وبكل من يهمك أمرهم"، قلتُ له بشراسة مفتعلة. استصعبتُ الرؤية قليلًا حيث اغرورقت عينيّ بعرق ينضح من جبهتي الكالحة.

سلَّمَني محفظة السيدة من دون أن ينبس ببنت شفة، ثم تركتُ ياقته ولم يلبث وأن نفذ بجلده.

عدتُ للزقاق ووجدتها هناك. كانت تلك فرصتي الأولى للتمعن في وجه السيدة وإلى جانبها شابة يبدو أنها قَدِمت للتو.

"قد تكون هذه المحفظة مألوفة لكِ"، قلتُ للمرأة الأكبر سنًّا واضِعًا المحفظة في يديها برقّة.

"شكراً للرب على وجودك في هذه اللحظة وهذا المكان!" قالت قبل أن تأخذني في أحضانها بعطف أم حنون.

"لم أكن أؤمن بوجود الرجال الخارقين قبل هذه اللحظة"، قالت المرأة الأخرى التي تصغرها سنًا. "أنا مدينةٌ لك بعد مساعدتك لأختي."

كانت جذابةً للغاية. معطفها العاجي يبرز مفاتنها، ووددتُ أن أحل محل السيگارة الطويلة الممدودة بين شفتيها الحمراوتين. نبرة صوتها التي تميزت ببحّة أخّاذة تدفعني للانتقال إلى حنجرتها، وإيجار لسانها، وإعادة زركشة لوزتيها بفمي القذر. بدت وكأنها مصبوبة في ذلك الفستان الأحمر المخفي تحت معطفها.

"أنا لستُ خارقًا، يا وجه الدمية"، قلت لها متذكرًا الماضي الأسود. 
"إنكِ لا تعرفينني حق المعرفة." 

"لكنني أود التعرف عليك حق المعرفة"، قالت لي. "فلنحتسِ القهوة سويًا ذات يوم." 

الحياة تفاجئك أحيانًا، وبالأخص إن أحسنتَ لشقيق أو شقيقة لك في البشرية. 

على الرغم من ذلك، كان هناك شيء مريب بشأن هذه الشابة. 

لا أعلم لماذا، لكن عبارة "حسناء لعوب" مطبوعة على جبهتها...

{يتبع. يمكن...}

2 comments:

  1. This comment has been removed by a blog administrator.

    ReplyDelete
  2. This comment has been removed by a blog administrator.

    ReplyDelete