Tuesday, May 29, 2018

كُفّوا عن ذِكر الاغتصاب خارج سياقه الحرفي

كُفّوا عن ذِكر الاغتصاب خارج سياقه الحرفي

بقلم أميليا شروير

١٦ أبريل ٢٠١٤، تحديث: ٦ ديسمبر ٢٠١٧

رابط المقالة الأصلية


تحذير: هذه المقالة تتطرق إلى نقاش يسود حول الاعتداءات الجنسية وبها سرد لتفاصيل واقعات اغتصاب وقد يزعج هذا النقاش بعض القرّاء.

تعريف ثقافة الاغتصاب: أي مجتمع أو بيئة تؤدي مواقفها الاجتماعية السائدة إلى تطبيع الاعتداء الجنسي والإساءة الجنسية والاستهانة بهما.

إن استخدام مصطلح "اغتصاب" لوصف أي شيء ما عدا العنف الجنسي ليس محض تصرفٍ خاطئ، بل هو تصرف غير مسؤول بتاتًا. لقد تردد على سمعي مؤخرًا مصطلح "اغتصاب" بكل عفوية. بصفة عامة، فإن الكلمة تُذكر في سياقات متعددة على النحو التالي:

"هل شاهدت مباراة أمس؟ لقد اغتُصِب [الفريق الفلاني]!"

"يا للهول، مقدار رسوم الصراف الآلي دولارَين؟! لِمَ لا تغتصبوني من دون واقٍ ذكري!"

"إن تعرّضنا للغزو من قبل [الدولة الفلانية]، فسأنتحر. لا أريد أن تُغتَصَبَ مؤخرتي!"

"مرحى! لقد اغتصبنا هؤلاء الأوغاد! هل تريدون اللعب مرة أخرى؟"

في معظم الأحيان، فإنني أسمع رجالًا يتلفظون بهذه العبارات. غالبًا ما يكونون رجالًا طيبين ومحترمين وأنا متأكدة أنهم لا ينوون سوءًا بتلفظهم غير المسؤول بتلك الكلمة. إنهم أصدقائي وزملاء عملي – أشخاصٌ أحترمهم وأقدّرهم. هذه المواقف تجعلني أتساءل عن سبب اعتقادهم أن استغلالهم لتلك الكلمة هو أمر عادي، وفي آن واحد، أتساءل عمّا إذا كان يُفترض عليّ أن أتكلم في هذا الشأن أم لا. حسنًا، سأتكلم عن هذا اليوم.

إنني أرفع صوتي لأننا نعيش في مجتمع يحجّر مشاعر الناس تجاه حدّة العنف الجنسي بانتظام من خلال ألفاظهم والطُرُق التي يُعامل بها الضحايا علانيةً، إضافةً إلى الطُرُق التي يكرر فيها الإعلام تصوير العنف الجنسي بشكل حي. قررتُ رفع صوتي لأنني سئمت من قراءة المقالات المخيفة مثل هذه التي توضّح مدى انتشار العنف الجنسي حول العالم. إنني أرفع صوتي لأنني ناجية من اعتداءات جنسية.

لقد تعرّضتُ للاعتداء الجنسي ثلاث مرات. لم أتحدث في هذا الشأن علانيةً من قبل حتى الآن لأنني أريد ربط هذه الجريمة بوجه حقيقي. أريد تأطير المعاناة التي تعرضت لها امرأة من بين أربع نساء في الولايات المتحدة شخصيًا. أنا إحدى تلك النساء. أنا ابنة وأخت وصديقة. من الصعب للغاية أن أتحدث بصراحة عمّا مررتُ به، ولكنني أشعر بشدة أنه كلما شعرنا بمزيد من العار وكلما اختبأنا، كلما قل عدد الأشخاص الذين يدركون مدى خطورة الاغتصاب. إنني أتحدث بصراحة لأنني لا أريد أن أسمع أي شخص يسيء استخدام كلمة "اغتصاب" بعد اليوم.

أول مرة تعرضتُ فيها للاغتصاب، كنتُ في سن السادسة عشر في رحلة خلال عطلة الربيع مع إحدى الصديقات. رافَقَنا في تلك الرحلة أشخاص بالغين، لكنهم منحونا الحرية لقيادة سيارة مستأجرة طالما عدنا إلى المنزل بحلول الساعة الحادية عشر مساءً. في سن السادسة عشر، كانت هورموناتنا مستعرة وأردنا العثور عن شباب وسيمين. أردنا المغازلة. ربما أردنا سرقة بعض القبلات. تعرّفنا على رجل أكبر سنًّا على الشاطئ ودعانا لتناول بعض المشروبات معه. خدّر مشروباتنا ثم تناوب علينا بينما كنا نفقد الوعي ونعود له.

المرة الثانية كانت في سن السابعة عشر حيث انتهى بي المطاف في موقف سيء مع شخص لم أكن على معرفة جيدة به. كنتُ أعمل مع هذا الشخص في بيت مسكون بمدينة ملاهٍ محلية. كانت مناسبة الهالوين أتت أخيرًا وخططت مجموعة منّا لحضور عرض لفيلم "روكي هورر بيكتشر شو" ثم الذهاب بعده إلى منزل إحدى زميلات العمل لأجل حفلة مبيت. كنّا على وشك الرحيل بعد نهاية عرض الفيلم. قال إنه بحاجة لجلب بعض الملابس لكنه لم يعرف إرشادات الطريق ولم يكن بوسعه الاتصال بأحد لأنه لم يمتلك هاتفًا نقّالًا. عرضتُ الذهاب معه (بكل غباء مني) واستخدام هاتفي النقّال لأخذ الإرشادات من صديقنا.

قُدنا السيارة لفترة بدت وكأنها عدة ساعات وانتهى الأمر بنا في منزل والديه الذَين لم يكن "من المسموح" أن يعرفا بوجودي هناك. أدخلني إلى غرفة نومه خلسةً. بينما كنتُ أنتظره لكي يجمع ملابسه، سألني لماذا لم نمارس الجنس بعد. قلتُ له لأنني لا أرغب في ذلك. رفض أن يقلّني إلى منزل زميلة العمل وضغط عليّ لممارسة الجنس. فرغ شحن بطارية هاتفي. لم أعرف ما كان بوسعي فعله كوني حبيسة ووحيدة وخائفة.

الصديقة التي كان من المزمع أن نذهب إلى بيتها أخبرت مديرنا، الذي كان أيضًا أحد معلمينا في الثانوية، بأنني "تخليتُ عنها من أجل العبث" مع هذا الشخص. طلب المدير حضوري إلى مكتبه ليلقي بالعار عليّ. بكيتُ ولكنني لم أخبره بالحقيقة. لقد حسم أمره بالفعل في هذا الشأن. لم يختارني لأي دور بعد ذلك.

كنتُ في آخر عام من المرحلة الثانوية عندما حدثت المرة الثالثة. ذهبتُ إلى منزل صديقي لمشاهدة فيلم. غطّيتُ في النوم على الأريكة الواقعة في غرفته وكانت رجليّ على حضنه. استيقظتُ من النوم وهو يلعق جسدي بعدما نزع ملابسي من الخصر فما تحته. تظاهرتُ بأنني نائمة، وكنتُ مشلولة من شدة الصدمة والخوف. عندما قضى وطره، ذهب إلى الخارج ليدخن سيكارة. ركضتُ إلى الحمام وبكيتُ ونظّفتُ نفسي وغادرت. لم نتحدث أبدًا بعد ذلك.

لم أخبر أهلي سوى عن المرة الثالثة. كان صديقًا مقربًا، ولذا فكانوا سيلاحظون أننا توقفنا عن التسكع بشكل مفاجئ. عرضوا عليّ اصطحابي إلى مركز الشرطة، لكنني رفضتُ ذلك. إن هذه مجرد تجاربي أنا: مراهقة بيضاء من الطبقة المتوسطة-العليا تعيش في الضواحي. إنّ امتيازاتي الاستثنائية لم تحميني من العنف الجنسي. أعرف الكثير من النساء اللاتي مررن بصدمات مماثلة. الكثيرات منهن لم يتقدمن بشكوى، وكثيرًا ما كنّ يخفن أن لا أحد سيصدقهن.

عندما أسمع كلمة "اغتصاب"، وبالأخص عندما تُستخدم الكلمة خارج سياقها الحرفي، فإنني أشعر بعدم ارتياح شديد. غالبًا ما تكون الكلمة مؤثرًا سلبيًا وتعيد ذاكرتي إلى أجزاء من الاعتداءات التي تعرضتُ لها. رائحة نَفَس الدخان البائتة، مكياج الهالوين الملطخ، وشراب "وايت رَشَن" الحلو، كلها تدور عميقةً في خلجي وتعيدني إلى الوراء. إنها قابلة أن تُشعرني بعدم الأمان إما جسديًا أو معنويًا في رفقة الأشخاص الذين نطقوا بها. إنها مؤلمة وتُشعرني بالعار والاستغلال والانتهاك مرة أخرى.

الآن عندما أقرأ عن قصص النساء اللاتي حاولن التبليغ عن الاغتصاب الذي تعرّضن له ويُضحَك عليهنّ ثم يُجبرن على تنظيف الدماء التي تقطّر منهن بسبب واقعة الاغتصاب المذكورة سلفًا، فإنني أغلي من فورة الغضب. أشعر بالغليان في أحشائي حتى يسخن وجهي. أريد أن أصرخ بالنيابة عن هؤلاء النسوة وبالنيابة عن نفسي وعن كل من تعرّض للانتهاك.

كوني أتضامن وأتعاطف مع هؤلاء الناجيات والناجين وأغضب بشأن ما تعرضوا له ومن ثم أسمع أحدهم يتلفظ بكلمة "اغتصاب" باستهتار أو كمزحة أو في سياق لا يتعلق بالاغتصاب تمامًا، فإنني لا أستطيع تقبل هذه الممارسة أو السكوت عنها بعد الآن. إن هذا الأمر ليس على ما يرام. الاغتصاب ليس شيئًا تضحك عليه. الاغتصاب لا يصف أي شيء سوى العنف الجنسي. والاستمرار في فعل ذلك يهين هؤلاء النساء والرجال الذين أُخِذ منهم الكثير بالفعل. وكالتهم. براءتهم. غرائزهم الجنسية الطبيعية.

العديد من الذين يقولون مثل هذا الكلام لا ينوون سوءًا. أنا لا أحاول أن أُشعِرهم بالخزي أو الأسى. أنا هنا لتثقيفهم. إساءة استخدام هذه الكلمة تنمّ إما عن جهل أو قسوة. معظم الذين يستخدمون هذه الكلمة خارج سياقها ليسوا قساة. أعتقد أنه يمكن التغلب على الجهل تمامًا. فلنمضِ قُدُمًا. فلنرفع من مستوى لغتنا. فلنكفّ عن التقليل من شأن معاناة الكثير من الناس.

الاغتصاب هو اغتصاب. نقطة. الفعل بذاته كافٍ لجعله كلمة قذرة. في معركة إنهاء العنف الجنسي، علينا الاعتراف بإسقاطاتنا ورضانا الذاتي تجاه ثقافة الاغتصاب وعلينا العمل بهمّة نحو تغييرها. اللغة خطوة بسيطة، لكنها خطوة بليغة.

كونوا حلفاءً للناجين من الاغتصاب.


وسِّعوا مفرداتكم.

No comments:

Post a Comment